أدى انتشار "الواسطة" في عهد النظام السابق إلى زيادة عدد الفاسدين بصورة فجة جعلت من الصعب على المحققين
تحديد من أين يبدأون في حملة مكافحة الفساد، التي يباشرها العسكريون من وراء ستار ضد فريق من النظام يقوده جمال مبارك، نجل الرئيس السابق، الذي اتسمت سياساته الاقتصادية التحررية بتكثيف الرأسمالية الحميمية.
وأوضحت مجلة (تايم) الأمريكية أن اتساع عدد المتورطين المحتملين هو أمر مذهل، فهم ينتشرون من الناحية العملية في كافة قطاعات الاقتصاد المصري؛ سواء في الزراعة، أو في المؤسسات المالية التي تنتشر فيها الفوضى المالية التي ورثتها بنوك الدولة في صورة القروض التي تمنح للمقربين والتي يكون معروفاً سلفاً أنه لن يتم سدادها أبداً. وقد تمتد التحقيقات إلى المستثمرين الأجانب، إن لم يكن الحكومات الأجنبية، وخصوصاً الولايات المتحدة.
قال خيري أباظة المحاضر بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن: "أي شخص لديه (الكثير من) المال في مصر، لابد أن يتعامل بالفساد، ولابد أن يكون متورطاً بدرجة أو بأخرى في الفساد، لأن هذه هي الطريقة التي يعمل بها النظام".
وبحسب جودت الملط، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، هناك أكثر من ألف حالة فساد أحيلت للحكومة في السنوات الأخيرة، لكن تم تجاهل معظمها، وسوف تتم إعادة فتحها مرة أخرى. وقد بدأ ذلك في الأيام الأخيرة للنظام السابق، حيث أحال مبارك العديد من رموز نظامه للنائب العام للتحقيق معهم بتهم الفساد.
وحول هذا الأمر رأي أباظة، السياسي السابق الذي يرتبط بحزب الوفد العريق، أن الهدف من ذلك كان تخليص النظام السابق من ورطته.
وقال موضحاً: "لقد بدأ هذا في الأيام الأخيرة من حكم مبارك، ويهدف بصورة رئيسية إلى تقديم عدد من أكباش الفداء. لكني أعتقد أن هذه العملية خرجت عن السيطرة بعض الشيء، من وجهة نظر النظام".
وهناك بالفعل طوابير طويلة من الناس الذين يسعون لتسجيل شكاواهم لدى مكتب النائب العام. ويقول العديد من المراقبين إن السقوط المتوالي سوف يحدث عندما يكشف المتهمون بالفساد –بدورهم- عن تورط آخرين أعلى منهم في سلسلة الفساد.
وترى (تايم) أنه بينما يتركز معظم الاهتمام على مصادر ثروات حسني مبارك وعائلته، فإن اتهامات الفساد التي تجري بصورة أعمق في المجتمع المصري قد تتمخض ليس فقط عن معاقبة المقربين من النظام السابق، ولكن أيضاً عن مطاردة حثيثة بصورة مبالغ فيها لرجال الأعمال مما قد ينتج عنه تكبيل الاقتصاد المصري الذي يحتاج إلى أكبر قدر ممكن من النمو.